تدل خبره السنوات الست الماضيه علي ان قطاع الاتصالات كان سابقا علي قطاع تكنولوجيا المعلومات في جدول اولويات وزاره الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات, بل يمكنني القول ان الوزاره لا تزال حتي الان توجه قوتها الضاربه نحوه وتخصص له القسم الاكبر من ثقلها ومجهودها ووقتها باعتباره من وجهه نظرها القطاع الاكثر جذبا للاستثمار والاكثر تحقيقا للعوائد المباشره للخزانه العامه, وما دامت الاهميه النسبيه للقطاعين بالوزاره تميل لقطاع الاتصالات فان السوال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف تبدو صوره هذا القطاع في عيون العالم وفي التقارير الدوليه المعنيه بالاتصالات, خاصه ان الحديث عن تراجع مكانه مصر بالتقرير العالمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لم يهدا بعد؟
ومبرر هذا السوال كما ذكرت اكثر من مره خلال الاسابيع الماضيه ان هذه التقارير تعد عاملا موثرا في صناعه الصوره الذهنيه عالميا لصناعه الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمصر, ومن ثم توثر علي قرارات الاستثمار والقدره علي التصدير وغير ذلك من القضايا فائقه الحيويه.
وفي تصوري انه عند تقصي اوضاع قطاع الاتصالات المصري كما يراها العالم, يكون من الافضل ان ناخذ تقارير الاتحاد الدولي للاتصالات كشاهد او نموذج وذلك لاعتبارين: الاول انها تقارير تتخذ من قطاع الاتصالات محورا رئيسيا وربما وحيدا لها ومن ثم تتناوله بالكثير من العمق والتفصيل, والثاني ان البيانات الخام الوارده بها كثيرا ما تستخدمها التقارير الدوليه الاخري ومنها تقرير منتدي دافوس في بناء العديد من الموشرات والمواقف عند تقييمها لاوضاع التنميه المعلوماتيه ككل بالبلدان المختلفه.
وبدورها تحتوي تقارير الاتحاد الدولي للاتصالات علي عشرات من الموشرات والمتغيرات الفرعيه التي تتجمع في النهايه في اربعه موشرات رئيسيه, الاول يقيس معدل او كثافه انتشار الخطوط التليفونيه علي اختلاف انواعها داخل كل دوله في ضوء الموشرات العامه لهذه الدوله والمتمثله في عدد السكان والناتج القومي الاجمالي, والثاني يختص برصد الخطوط التليفونيه الارضيه العامه, والثالث يرصد معدلات انتشار خطوط التليفون المحمول, والرابع يتناول اوضاع تكنولوجيا المعلومات ذات العلاقه المباشره بقطاع الاتصالات ومنها معدلات انتشار الانترنت والحاسبات الشخصيه وعدد الحاسبات المضيفه المتصله مباشره بالانترنت.
ويتم ترتيب دول العالم البالغه209 بكل موشر طبقا لمعيارين الاول عدد الخطوط التليفونيه والمشتركين بها واجهزه الحاسبات كمعيار كمي منفرد, والثاني عدد الخطوط والاجهزه المتاحه قياسا الي كل مائه مواطن من السكان كمعيار نوعي, ونظرا لاعتبارات المساحه ساحاول تقديم استعراض سريع لاوضاع مصر في هذه الموشرات الاربعه كما وردت بتقارير الاتحاد الصادره خلال ست سنوات تغطي الفتره من2000 الي2005.
موشر الكثافه التليفونيه
تكشف تقارير الاتحاد عن ان مصر كان لديها سته ملايين و843.5 خط تليفوني في عام2000 وذلك بواقع10.78 خط لكل مائه من السكان مما جعل مصر تحتل المرتبه133 علي مستوي العالم من حيث كثافه انتشار الخدمه التليفونيه, وفي ذلك العام كانت الدول الخمس التي تسبق مصر في الترتيب هي بيرو وليبيا وتونس وناميبيا والخمس التي تليها في الترتيب هي سوريا وتونجا وميقرينيزيا وجزر مارشال وتركمانستان, وعقب ذلك اخذت هذه المعدلات في الارتفاع المتواصل حتي وصل عدد الخطوط التليفونيه في مصر الي24 مليونا و25.8 الف خط عام2005, بمعدل32.45 خط لكل مائه من السكان, وقد ترتب علي ذلك ان تحسن وضع مصر داخل الترتيب العام ليصبح في المرتبه118 بمعدل تقدم بلغ15 نقطه عن عام2000, واصبحت الدول الخمس التي تسبق مصر هي فيجي وباراجوي وكازخستان وجوروجيا وبوليفيا, والدول الخمس التي تليها هي كيب فيردي وناميبيا وسوريا وفيتنام وبيرو, ويلاحظ انه كان هناك تقدم في جميع السنوات عدا عامي2002 و2003 الذي ثبت فيهما مركز مصر عند المرتبه128.
التليفونات العامه
يعكس الموشر الخاص بالتليفونات العامه الثابته قدرا ملحوظا من الهدوء والتحسن المتواصل وان كان بطيئا, ففي سنه2000 كان لدي مصر خمسه ملايين و483.6 الف خط في شبكه التليفونات العامه, وكان معدل النمو السنوي المركب يصل الي15.1% سنويا, ونسبه عدد الخطوط لكل مائه شخص يصل الي8.64 خط, وهي اوضاع جعلت مصر تحتل المرتبه رقم125 بهذا الموشر, وكانت الدول الخمس السابقه عليها هي الكاميرون والكونغو والكونغو الديمقراطيه وساحل العاج وجيبوتي والدول الخمس التاليه لها هي غينيا الاستوائيه واريتريا واثيوبيا والجابون وجامبيا.
وفي السنوات التاليه حافظت مصر علي حاله من التحسن والتطوير لاوضاعها وان كانت جهودها اتسمت كما سبق القول بالهدوء والتواصل والخلو من اي قفزات للامام او للخلف, وبحلول عام2005 كانت مصر قد رفعت عدد الخطوط التليفونيه بالشبكه العامه الي10 ملايين و396.6 الف خط ووصل معدل النمو السنوي في هذا العام الي13.6%, وبلغ عدد الخطوط لكل مائه شخص8.64 خط, الامر الذي جعل ترتيب مصر في القائمه العامه يتقدم لتصبح في المركز98, وتصبح الدول الخمس السابقه عليها هي سوريا وجورجيا وكيب فيردي وغينيا والسلفادور, والدول الخمس التاليه لها هي تونجا وبنما وليبيا وفنزويلا وفيجي.
التليفونات المحموله
من اللافت للنظر ان مركز مصر عالميا من حيث كثافه انتشار التليفون المحمول اتخذ مسارا مختلفا, ففي عام2000 كان عدد مشتركي المحمول مليونا و359.9 الف شخص بمعدل2.14 خط لكل مائه شخص وهو ما جعل مصر تحتل المرتبه رقم131 عالميا من حيث كثافه انتشار خطوط المحمول, وكانت الدول الخمس التي تسبق مصر هي البوسنه والهرسك والكونغو وزيمباروي وسري لانكا وروسيا والدول الخمس التاليه لها هي جرينلاند واندونيسيا ونيكاراجوا والدومينيكان واوكرانيا, لكن في المقابل احتلت مصر المرتبه السادسه علي العالم في ذلك العام من حيث معدل النمو السنوي المركب, وفي العام التالي ارتفع عدد المشتركين الي مليونين و793.8 الف, وارتفع عدد الخطوط بالنسبه لكل مائه شخص الي4.33 خط, كما قفز ترتيب مصر من حيث معدل النمو السنوي المركب الي المركز الثاني بدلا من السادس.
لكن مع كل هذا النمو لم يتحسن وضع مصر في الترتيب العام الا بدرجه واحده فقط حيث جاء ترتيبها في المركز130, وفي السنوات التاليه قفزت اعداد المشتركين وكذلك نسبه عدد الخطوط لكل مائه شخص, بيد ان معدل النمو السنوي المركب تراجع بشده لتصبح مصر في المركز ال21 عام2002 ثم في المركز64 عام2005, وعلي الرغم من ان عدد المشتركين ارتفع عام2005 الي13 مليونا و629.9 الف مشترك, فقد تراجع ترتيب مصر في القائمه العامه لتحتل المركز136, واصبحت الدول الخمس السابقه عليها بالقائمه هي منغوليا وبيرو وسوازيلاند وغينينا الاستوائيه ونيكاراجوا, والدول التي تليها هندوراس وكيب فيردي وجامبيا وسري لانكا وسوريا.
موشر تكنولوجيا المعلومات
يتضمن هذا الموشر ثلاثه موشرات فرعيه الاول خاص بالحاسبات المضيفه المتصله بالانترنت اي الحاسبات التي يوضع عليها محتوي مواقع الانترنت المصريه والثاني خاص بمستخدمي الانترنت والثالث بمعدل انتشار الحاسبات الشخصيه, وبالنسبه للحاسبات المضيفه تشير التقارير الي ان عدد الحاسبات المضيفه في عام2000 كان2.24 حاسب وهو رقم جعل مصر تحتل المرتبه171 عالميا وفقا للعدد الكمي للاجهزه, وكان عدد هذه الحاسبات بالنسبه لكل عشره الاف شخص هو0.35 جهاز, ووفقا لهذا المعدل المقترن بعدد السكان احتلت مصر المرتبه158 عالميا, وبعد عام2000 اخذ عدد الحاسبات المضيفه في التزايد حتي بلغ3.499 في عام2005, ومع ذلك فان ترتيب مصر في القائمه لم يتحسن بل تراجع للوراء حيث خسرت مصر نقطتين واصبحت تحتل المرتبه رقم173, ومن ناحيه اخري سجل عدد الحاسبات المضيفه بالنسبه لكل عشره الاف شخص ارتفاعا طفيفا واصبح0.5 عام2005, ومره اخري تراجع ترتيب مصر في هذا الموشر وخسرت سبع نقاط عن عام2000 ليصبح مركزها بالقائمه165.
وبالنسبه لمستخدمي الانترنت كان عدد المستخدمين450 الف مستخدم عام2000 وترتيب مصر في المركز51, كما كان عدد المستخدمين بالنسبه لكل مائه شخص0.71 وترتيب مصر وفقا لهذا المعدل190, وقد حدث تقدم علي المسارين خلال السنوات التاليه, ففي عام2005 كان عدد المستخدمين قد بلغ خمسه ملايين مستخدم وتقدم ترتيب مصر في هذا الموشر ليصبح في المرتبه29 علي العالم, اما في موشر عدد المستخدمين بالنسبه لكل مائه شخص فارتفع ليصبح6.75 شخص واحرزت مصر تقدما بلغ72 نقطه في هذا الموشر مقارنه بعام2000 واحتلت المرتبه رقم118 علي العالم.
وبالنسبه لمعدل انتشار الحاسبات الشخصيه كان ترتيب مصر بالقائمه عام2000 في المركز140 وعلي الرغم من ازدياد اعداد الحاسبات الموجوده بالبلاد من حوالي800 الف عام2000 الي حوالي2.7 مليون عام2005 فان مركز مصر في هذا الموشر تراجع للوراء11 نقطه لتصبح مصر في المرتبه عام2005, ومن ناحيه اخري ارتفع عدد الحاسبات بالنسبه لكل مائه شخص من1.26 حاسب عام200 الي3.65 حاسب عام2005 ومع ذلك ثبت مركز مصر داخل القائمه وظلت تحتل المرتبه رقم112.
ما الذي تحمله هذه الارقام من نتائج ودلالات... الي الاسبوع المقبل.