لافتات
البــــــــَــيانُ الأولْ
قلمي وَسْطَ دُواةِ الحبرِ غاصْ
ثُمَّ غاصْ
ثُمَّ غاصْ.
قلمي في لُجَّةِ الحبرِ اختَنق
وَطَفتْ جُثَّـتُهُ هامِدةً فوقَ الورق.
روحُهُ في زَبَدِ الأحرفِ ضاعتْ في المَدَى
ودمى في دمه ضاع سُدى
ومضى العُمرُ ولم يأتِ الخلاصْ.
آهِ يا عصرَ القماصْ
بَلْطةُ الجزّارِ لا يذبحُها قَطْرُ الندى
لا مَنَاصْ
آنَ لي أن أتركَ الحِبرَ
وأنْ أكتُبَ شعري بالرصاصْ!
======================
إنجيــــــل بوليـــس!
في البدء كانَ الكلمةْ
ويومَ كانتْ أصبحتْ مُتَّهمَهْ
فطورِدَتْ
وحوصِرَتْ
واعتُقِلَتْ
.. وأَعْدمَتْهَا الأنظمهْ
* *
في البدءِ كانَ الخاتمهْ !
=====================
العِلَّة
قالَ ليَ الطبيبْ :
خُذْ نَفَساً .
فكِدتُ - مِن فَرْطِ اختناقي
بالأسى والقهْرِ - أَستجيبْ
لكنَّني
خَشيتُ أن يلمحَني الرَّقيبْ .
وقالَ : مِمَّ تشتكي ؟
أردتُ أن أُجيب
لكنَّني
خشيتُ أن يسمعَني الرقيبْ .
وعندما حيَّرتُهُ بصمتيَ الرهيبْ
وَجَّهَ ضَوءاً باهِراً لمقلتي
حاولَ رفْعَ هامتي
لكنَّني خَفضتُها
وَلُذتُ بالنحيبْ
قلتُ لَهُ : معذرةً يا سيِّدي الطبيبْ
أوَدُّ أن أرفَعَ رأسي عالياً
لكنَّني
أخافُ أن .. يحذِفَهُ الرَّقيبْ !
======================
صندوق العجائب
في صِغَرى
فتحتُ صندوقَ اللُّعَبْ .
أخرجتُ كرسيّاً مُوَشَّى بالذَّهبْ
قامتْ عليهِ دُميةٌ من الخشب
في يدها سيفُ قَصَبْ .
خَفضتُ رأسَ دُميتي
رفعت رأس دميتي
خلَعتُها.
نصبتُها.
خَلعتُها .. نَصبتُها
حتى شَعَرتُ بالتعبْ
فما اشتكتْ من اختلافِ رغبتي
ولا أحسَّت بالغضبْ !
ومثلُها الكُرسيُّ تحتَ راحتي
مُزَوَّقٌ بالمجدِ . . وَهُوَ مُستَلبْ.
فإنْ نَصبْتُهُ انتصبْ
وإن قَلبْتُهُ انقلبْ !
أَمتعني المشهَدُ ،
لكنَّ أبي
حين رأى المشهَدَ خافَ واضطرَبْ
وخبَّأَ اللعبةَ في صُندوقِها
وَشَدَّ أُذْنِي . . وانسحَبْ !
* *
وعِشْتُ عُمري غارقاً في دَهْشَتي.
وعندما كَبِرتُ أدركتُ السّبَبْ
أدركتُ أنَّ لُعبتي
قد جَسَّدَتْ
كلَّ سلاطينِ العَربْ !
======================
التقريــر
كلبُ وَالينَا المُعَظَّمْ
عضَّني ، اليومَ ، وماتْ !
فدعاني حارسُ الأمنِ لأُعدَمْ
بعدما أثبتَ تقريرُ الوفاةْ
أنّ كلبَ السيِّدِ الوالي
تـسـمَّـمْ !
=====================
قيصريةْ
في البلادِ العربيَّـهْ
عندما ترفضُ أن تُولدَ عبداً
يَسْحَبُ الجرَّاحُ رِجليكَ
فتأتى مُرْغَماً . . بالقيصريَّـهْ.
حاملاً حُريَّـةً في يَدِكَ اليمنى
وفى اليُسرى . . وَصِيَّـهْ.
فإذا عِشْتَ . .تَموتْ
حَسْبَ قانونِ السُّكوتْ
وكما جِئْتَ تُوافيكَ المَنـيَّـهْ :
يَسْحَبُ (الجرَّاحُ) رِجليكَ
إلى القبرِ
فتمضى مُرْغَماً . . بالقيصريَّـهْ !
======================
التكفِير والثورة
كَفَرْتُ بالأقلامِ والدفاتِرْ .
كفرتُ بالفصحى التي
تحبَلُ وهْيَ عاقِرْ .
كفرتُ بالشِّعر الذي
لا يُوقِفُ الظُّلمَ ولا يُحرِّك الضمائرْ
لَعَنتُ كُلَّ كِلْمَةٍ
لم تنطلِقْ من بعدِها مسيرَهْ.
ولم يَخُطَّ الشعبُ في آثارِها مَصِيرَهْ .
لَعَنتُ كُلَّ شاعِرْ
ينامُ فوق الجُمَلِ النديَّـةِ الوثيرهْ
وشعبُـهُ ينامُ في المقابرْ .
لَعَنتُ كلَّ شاعِرْ
يستلهمُ الدمعةَ خمرأً
والأسى صَبَابَـةً
والموتُ قُشْعَرِيرَهْ .
لَعَنتُ كلّ شاعِرْ
يُغازلُ الشِّفاهَ والأثداءَ و الضفائِرْ
في زمنِ الكلابِ و المخافرْ
ولا يرى فوهةَ بُندقيـةٍ
حين يرى الشِّفاهَ مستجيرهْ !
ولا يرى رُمَّانةً ناسِفةً
حين يرى الأثداء مُستديرَهْ!
ولا يرى مشـنقـةً
حينَ يرى الضفيرهْ !
* *
في زمن الآتينَ للحكمِ
على دبَّابَـةٍ أجيرهْ
أو ناقـةِ العشيرهْ
لَعَنتُ كلّ شاعرٍ
لا يقْتني قنبلـةً
كي يكتُبَ القصيدة الأخيرهْ !
======================
هذِه الأرضُ لنا
قُوتُ عِيالنا هُنا
يُهدِرُهُ جلالةُ الحِمــارْ
في صالـةِ القُمارْ
وكلُّ حقِّـهِ بـهِ
أنَّ بعيرَ جدِّهِ
قد مَرَّ قبلَ غيرهِ
بهذهِ الآبـارْ !
* * *
يا شُرفــاء
هذِه الأرضُ لَنا.
والزرعُ فوقَها لنا
والنِفطُ تَحتها لنا
وكُلُّ ما فيها بماضيها وآتيها لنا .
فما لَنا
في البردِ لا نلبسُ إلاَّ عُرْيـَنـا ؟
وما لَنا
في الجوعِ لا نأكُلُ إلاّ جوعَنا ؟
وما لنا نغرقُ وَسْطَ القارْ
في هذهِ الآبارْ
لكي نصوغَ فَقْرنا
دِفئاً ، وزاداً ، وغِنى
من أجلِ أولادِ الزِّنى ؟!
========================
الطبُّ يضرُّ بصحتكْ
لي صاحبٌ
يَدرسُ في الكُلِّيـة الطبيَّـهْ
تأكَّدَ المُخبِرُ من ميولِـهِ الحزبيَّـهْ
وقام باعتقالِـهِ
حينَ رآهُ مَرَّةً
يَقرأُ عن تَكَوُّنِ (الخليَّـهْ) !
* *
وبعدَ يومٍ واحدٍ
أُفرجَ عن جُثَّـتِـهِ
بحالةٍ أمْنِـيَّـهْ :
في رأسِهِ رَفْسَـةُ بُندقيَّـهْ
في صدرِه قُبلـةُ بُندقيَّـهْ !
في ظَهْرِهِ صورةُ بُندقيَّـهْ
لكنَّني
حينَ سألتُ حارِسَ الرَّعيَّـهْ
عن أَمرِهِ
أخبرني
أنَّ وفاةَ صاحبي قد حَدَثتْ
بالسكتـةِ القلبيَّـهْ !
========================
حالات
بِالتَّمادى
يُصبِحُ اللصُّ بأورُوبّـا
مديراً للنوادي .
وبأمريكا
زَعيماً للعصاباتِ وأوكارِ الفسادِ .
وبأوطاني التي
من شَرعِها قَطْعُ الأيادي
يُصْبِحُ اللصُّ
. . رئيساً للبلادِ !
========================
المُتَّهمْ
كنتُ أمشى في سلامْ
عازفاً عن كُلِّ ما يخدِشُ
إحساسَ النظامْ .
لاَ أصيخُ السمعَ
لا أنظرُ
لا أبلعُ ريقي .
لا أرومُ الكَشفَ عن حُزني
وعن شِدَّةِ ضيقي .
لا أُميطُ الجفنَ عن دمعي
ولا أرمِى قِناعَ الابتسامْ .
كُنتُ أمشى . . والسلامْ .
فإذا بالجُندِ قد سدُّوا طريقي
ثُمّ قادوني إلى الحَـبْـسِ
وكان الاتهامْ :
أنّ شَخصاً مرَّ بالقصرِ
وقد سَبَّ الظلامْ
قبلَ عامْ .
ثُم بعدَ البَحثِ والفحصِ الدَّقيقِ
عَلِمَ الجُندُ بأنَّ الشخصَ هذَا
كان قد سلَّمَ في يومٍ
على جارِ صَديقي !
========================
الجِدَار
وقفتُ في زنزانتى
أُقلِّبُ الأفكارْ :
أنا السّجينُ ها هُنا
أم ذلك الحارسُ بالجوارْ ؟
فكلُّ ما يفصلنا جدارْ
وفي الجدارِ فتحةٌ
يرى الظلامَ من ورائها
وألمحُ النهارْ !
* * *
لحارسى ، ولي أنا . . صِغارْ
وزوجةٌ ودارْ
لكنَّهُ مثلى هُنا
جاءَ بِهِ وجاءَ بى قَرارْ
وبيننا الجدارْ
يوشِكُ أن ينهارْ !
* *
حدَّثنى الجدارْ
فقالَ لى : إنَّ الذى ترثي لهُ
قد جاءَ باختيارهِ
وجئتَ بالإجبارْ .
وقبل أن ينهارَ فيما بيننا
حدَّثنى عن أسدٍ
سجَّانُـهُ حمار !
========================
إضرابْ
الوردُ في البستانْ
ممالِكٌ مُترفةٌ ، طريَّةُ الجدرانْ
تيجانُها تسبحُ في بَرْدِ الندى
والنورِ و العطورْ
في ساعةِ البكورْ
وتستوي كَسْلى على عُروشِها .
وتحتَ ظُلْمةِ الثرى
والبؤسِ والهوانْ
تسافِرُ الجذور في أحزانِها
كى تضحكَ التيجانْ !
* *
الوردُ في البستانْ
ممالِكٌ مُترفةٌ تسبحُ في الغُرورْ
بذكرِها تُسَبِّحُ الطيورْ
ويسبحُ الفراشُ في رحيقها
وتسبحُ الجذورْ
في ظُلمةِ النَّسيانْ
* *
الوردُ في البستانْ
أصبحَ . . ثُمَّ كانْ
في غَفلةٍ تهدَّلتْ رؤوسُهُ
وخرَّت السَّيقانْ
إلى الثَّرى
ثُمَّ هَوَتْ من فوقِها التيجانْ !
* *
مرّت فراشتانْ
وردَّدت إحداهُما :
قدْ أعلنتْ إضرابَها الجذورْ !
* *
ما أجبنَ الإنسانْ
ما أجبنَ الإنسانْ
ما أجبنَ الإنسانْ !
======================
سلاحٌ بَارد
يا أيُّها الإنسانْ
يا أيُّها المُجوَّعُ، المخوَّفُ، المهانْ
يا أيُّها المدفونُ فى ثيابـهِ
يا أيُّها المشنوقُ من أهدابـهِ
يا أيُّها الراقِصُ مذبوحاً
على أعصابِـهِ .
يا أيُّها المنفىُّ من ذاكرةِ الزمانْ
شبعتَ موتاً فانتفضْ
آن النشورُ الآنْ
بأغلظِ الايمانِ واجِهْ أغلظَ المآسى
بقبضتيكَ حَطِّم الكراسى
أمَّا إذا لم تستطِعْ
فَجَرِّدِ اللسانْ
قُل : يسقطُ السلطانْ.
أمَّا إذا لم تستطِعْ
فلا تدعْ قلبك فى مكانِـهِ
لأنَّـهُ مُدان
فدَقَّةُ القلبِ سلاحٌ باردٌ
يتركهُ الشجاعُ بعد موتِـهِ
تحت يَدِ الجبانْ
لكى يدارى ضَعْفَـهُ
بأضعفِ الايمانْ !
========================
إذا الضحايا سُئِلت
طالعتُ فى صحيفةِ الرحيلْ
قافلةً تائهةٌ
دليلُها يسترُ قُبْحَ فِعلِهِ
بصبرِها الجميلْ .
رأيتُها تغرقُ فى دمائِها
والدّمعِ و العويلْ
لكنّها
رغمَ الضياعِ و الرَّدى
تُعِدُّ من نُعوشِها سفينةً
تَخيطُ من أكفانِها أَشرِعةً
كَى تُنقِذَ الدليل !
وقيل إنَّ الدَّمَ لا يُصبِحُ ماءً ،
هُزِلَتْ
فالدمُ أصبحَ ماءَ نِيلْ
والدمُ قد أصبحَ ماءَ زمْزمٍ
وكأسَ زَنْجَبيلْ
في صِحَّةِ الأمواتِ مِنْ أَحيائِنا
يَشربُهُ القاتِلُ ما بينَ يَدَيْ
مُمثِّلِ القتيلْ !
* *
إذا الضحايا سُئلَتْ
بأَيِّ ذَنبٍ قُتِلتْ ؟
لانتفضتْ أشلاؤها وجَلْجَلَتْ :
بِذَنبِ شَعْبٍ مُخْلِصٍ
لِقائدٍ عَمِيـــلْ !
========================
الرمادُ والعواصف
مَضى عَقْدٌ على قَطْعِ الجذورِ
ولم يزلْ رأسي
يصارعُ بالرمادِ عواصفَ اليأسِ !
ومازالتْ حبالُ الشوقِ تشنُقني
على بَوَّابةِ الزمنِ
فَأَلمحُ في الأسى نفسي
خيوطاً من دَمٍ تنثالُ في كأْسِي
وألمحُها بأيدِيكُمْ .. بأيدِيكُمْ
تُجرِّعُني
فِراقَ الأُمِّ مُزْدَوَجاً
.. فِراقَ الأُمِّ و الوطنِ !
* *
على أبوابِ حَضْرتِكُمْ
جَلالَتِكُمْ
سِيادَتِكم
مَعَالِيكُم
سأَطرحُ رأسيَ الذاوي
وأُطلِقُ صوتيَ الدَّاوي :
) أَريد اللهْ يِبَيِّنْ حوبِتي بيكُمْ
أَريد اللهْ على الفَرْقَهْ يِجازيكُمْ )* !
_________________________
* أغنية من الفولكلور العراقي معناها : أريد من الله أن يأخذ منكم بثأري ويعاقبكم لأنكم سبب الفراق.
========================
النبات
أنا ليسَ لى عِلْمُ الحواةْ
كَىْ أُخرج الجبَلَ العظيمَ من الحصاةْ
وأَجُرُّ آلافَ الفوارسِ كالأرانِبِ
من بُطونِ القبَّعاتْ .
أنا ليسَ لى عِلْمٌ
بتعبئةِ الشجاعةِ في القناني
أو فنِّ تحويل الخروفِ إلى حصانِ !
أنا لستُ إلاّ شاعراً
أبْصرتُ نار العار
ناشِبةً بأرديةِ الغُفاهْ
فصرختُ .. هُبُّوا للنجاهْ .
فإذا أفاقوا للحياةِ
ستحتفى بِهمُ الحياةْ
وإذا تلاشَتْ صرختى
وسْطَ الحرائقِ كالدُّخانِ
فَلأنَّ صرخةَ شاعرٍ
لاتَبعثُ الرُّوحَ الطّليقةَ فى الرُّفاتْ !
* *
أنا شاعرٌ حُرٌّ أُعانى
من حُرقةِ الآباءِ أَقتـبـسُ المعانى
ومِدادُ أَشْعاري تَقاطَرَ
من دُموعِ الأمهاتْ .
فمَتى ستُوحى بالهوى شَفَةُ الهوانِ ؟
ومتى ستطلعُ وردةُ الآمالِ
فى تلكَ الدّواةْ ؟
* *
شِعرى عُصارةُ عصرِنا
لاتطلبوا منِّى اصطناع المعجزاتْ .
أوطانُـنا رَهْنَ المنيَّةِ . .
والبقيَّةُ فى حياةِ الصولجانِ .
ورَقابُنا تحتَ السيوفِ
وحتْفُنا فوق اللسانِ
ودِماؤنا .. تجرى دراهِمَ
فوقَ أفخاذِ الغوانى .
وذَواتُـنا سجَّادةٌ
لِنعالِ أبناءِ الذّواتْ .
هذى بُذورُ حياتِنا
واللافِتاتُ هى النّباتْ .
لاسُوقَ عندىَ للأمانى
روحوا اشتروا تلك البِضاعةَ
من دكاكينِ الولاهْ
أنا لا أبيعُ مخدِّراتْ !
==============
لن أُنافقْ
نافـقْ
ونافـقْ
ثُمَّ نافـقْ , ثُمَّ نافـقْ .
لا يَسلَمُ الجسدُ النحيلُ من الأذى
إنْ لم تُـنافـقْ .
نافـقْ
فماذا فى النفاقِ
إذا كَذَبْتَ وأنتَ صادِقْ ؟
نافـقْ
فإنَّ الجهل أن تَهوِى
ليرقى فوق جُثَّتِكَ المنافـقْ .
لكَ مَبدأٌ ؟ لا تَبْتئِـسْ
كُن ثابـتاً
لكنْ .. بمُختلِفِ المناطِقْ !
واسبِق سِواكَ بكلِّ سابِقـةٍ
فإنَّ الحكمَ محجوزٌ
لأربابِ السَّوابقْ !
* *
هَذي مقالةُ خائِفٍ
مُتملِّقٍ , متسلِّقٍ
ومقالتي : أنا لنْ أُنافقْ
حتَّى ولو وضعوا بِكَفَّيَّ
المغارِبَ والمشارقْ .
يا دافنـيـنَ رؤسَكُم مثل النَّعامِ
تَنعَّموا .
وتنقَّلُوا بين المبادئِ كاللقالِقْ
ودَعُوا البطولةَ لى أَنا
حيثُ البطولةُ باطلٌ
والحقُّ زاهِقْ !
هذا أنا
أُجرى مع الموتِ السِّـباقَ
وإنَّـنى أدرِى بأنَّ الموتَ سابِقْ
لكنَّما سَـيظلُّ نعلى عالياً أبداً
وحسْبى أنّـني فى الخفضِ شاهقْ !
فإذا انتهى الشوطُ الأخيرُ
وصفَّقَ الجمْعُ المُنافقْ
سَيَظلُّ نعْلى عالياً
فوق الرُّؤوسِ
أذا علا رأسِي
على عُقَدِ المشانقْ !
========================
إعتذار
صِحْتُ من قَسْوةِ حالى :
فوقَ نَعْلِى
كُلُّ أصحابِ المعالى !
قِيلَ لى : عَيبٌ
فكرَّرتُ مقالى .
قِيلَ لى : عَيبٌ
وكرَّرتُ مقالى .
ثُمّ لمَّا قِيل لى : عَيبٌ
تَنـبَّهْتُ إلى سوءِ عِباراتى
وَخَفَّفْتُ انفعالى .
ثُمّ قدَّمتُ اعتذاراً
.. لِنِعالى !
======================== رُبَّما
رُبَّما الزَّانى يتوبْ !
رُبَّما الماءُ يرُوبْ !
رُبَّما يُحْمَلُ زيتٌ فى الثُّقوبْ !
رُبَّما شمسُ الضحى
تُشرقُ من صَوبِ الغروبْ !
رُبَّما يبرأُ إبليسُ من الذنب
فيعفو عنهُ غَفَّار الذُّنوبْ !
إنَّما لا يَبرأُ الحُكَّامُ
فى كُلِّ بلادِ العُرْبِ
من ذنبِ الشُّعوبْ !
========================
المنتحرون
إسْكُتوا
لا صوتَ يعْلُو
فوقَ صوتِ النائحهْ
نحنُ أمواتٌ
وليستْ هذِه الأوطانُ إلاَّ أضرحهْ
قُسِّمتْ أشلاؤها
بين دِبابٍ و نِسورْ
وأُقيمت فى زواياها القُصورْ
لكلابِ المشرحهْ !
* *
نحنُ أمواتٌ
ولكنَّ اتَّهامَ القاتِلِ المأجورِ
بُهتانٌ وزورْ
هو فردٌ عاجزٌ
لكننا نحن وَضَعْنَا بيديهِ الأسلحهْ
ووَضَعْنَا تحت رجليهِ النُّحورْ
وتواضَعنا على تكليفِهِ بالمذبحَهْ !
* *
أيها الماشون ما بين القُبورْ
أيها الآتُون من آتى العُصورْ
لعَنَ اللهُ الذى يتلو علينا الفاتحهْ !
=======================
بلاد الكتمان
أكَل الصَّمتُ فَمِى
لكنَّنِى
أشكو من الصَّمتِ بصَمتْ
خوفَ أن يأكُلَنى
لو أنا بالصَّوتِ شكوتْ
رَبِّ إنّ الصّوتَ مَوْتْ
رَبِّ إنّ الصّمتَ مَوْتْ
كيف أحيا فى بلادٍ
تكتُمُ الصوتَ بإطلاقةِ إسكاتٍ
وحتَّى كاتِمُ الصوتِ بها
فى فمِهِ .. (كاتمُ صوتْ) !
=======================
مصادرة
من بعدِ طول الضَّربِ والحبْسِ
والفحص ، والتدقيقِ ، والجَسِّ
والبحثِ فى أمتِعتى
والبحث فى جسمى
وفى نفسى
لم يَعثُرِ الجُندُ على قصيدتى
فَغادَروا من شِدّةِ اليأسِ .
لكنّ كَلْباً ماكراً
أَخبرهم بأنَّنى
أحمِلُ أشعارىَ فى ذاكرتى
فأطْلقَ الجُندُ سَراحَ جُثَّتى
وصادروا رأسِى !
* *
تقولُ لى والدتى :
يا وَلَدى
إن شِئتَ أن تنجو من النَّحْسِ
وأن تكونَ شاعراً مُحتَرَمَ الحِسِّ
سبِّحْ لربَّ ( العَرشِ )
.. واقرأ آية (الكُرسى) !
=======================
مأساةُ أعواد الثقاب
أوطانى عُلْبةُ كِبريتٍ
والعلبةُ مُحكمةُ الغلقْ
وأنا فى داخِلها
عُودٌ محكومٌ بالخنقْ .
فإذا ما فَتَحتْها الأيدى
فَلِكَىْ تُحرِقَ جِلدى
فالعلبةُ لا تُفتحُ دَوْمَا
إلاّ للغرب أو الشرقِ
أَمّا لِلحرقِ، أو الحرقْ !
* *
يا فاتحَ عُلبتِنا الآتى
حاول أن تأتىَ بالفرقْ .
الفتحُ الراهِنُ لا يُجدي
الفتحُ الراهِنُ مرسومٌ ضِدِّي
مادامَ لحرقٍ أو حَرقْ .
إسحقْ عُلبتَنَا ، وانثُرْنا
لا تأبَهْ لَوْ ماتَ قليلٌ مِنَّا
عِندَ السحقِ .
يكفي أن يحيا أغلبُنا حُراًّ
في أرضٍ بالغةِ الرِّفقْ .
الأسوارُ عليها عُشْبٌ
.. والأبوابُ هَواءٌ طَلقْ !
======================
مكسبٌ شعبى
آبارُنا الشَّهيدهْ
تنزف ناراً ودماً
للأُمَمِ البعيدهْ .
ونحنُ فى جوارِها
نُطعِمَ جوعَ نارِها
لكنّنا نجوعْ !
ونَحمِلُ البرد على جُلودِنا
ونَحمِلُ الضُّلوعْ
ونَسْتَضِىءُ فى الدُّجى
بالبدرِ والشُّموعْ
كى نقرأَ القرآنَ
والجريدةَ الوَحيدهْ !
حملتُ شكوى الشعبِ
فى قصيدتى
لحارسِ العقيدهْ
وصاحِبِ الجلالةِ الأكيده .
قُلتُ لهُ :
شعبُكَ يا سيِّدَنا
صار ( على الحديدَهْ )
شعبُكَ يا سيِّدَنا
تهرَّأتْ من تَحتِه الحديدَهْ .
شعبُك يا سيِّدَنا
قد أَكَلَ الحديدَه !
وقبلَ أن أفرُغَ
من تلاوةِ القصيدَهْ
رأيتُهُ يغْرقْ فى أحزانِهِ
ويذرِفُ الدُّموعْ .
وبعدَ يومٍ
صدَر القرارُ فى الجريدَهْ :
أن تصْرِفَ الحكومةُ الرَّشيدهْ
لكلَّ ربِّ أسرةٍ
.. حديدةٌ جديدهْ !
========================
الهارب
فى يقظتى يقفِزُ حوْلى الرُّعبْ
فى غفوتى يصحو بقلبى الرعبْ
يُحيطُ بى فى منزلى
يرصدُنى فى عملى
يتبعُنى فى الدَّربْ !
ففى بلاد العُربْ
كلُّ خيالٍ بدْعةٌ
وكل فِكْرٍ جُنْحةٌ
وكُلُّ صوتٍ ذنبْ !
* * *
هَربتُ للصحراءِ من مدينتى
وفى الفضاء الرَّحبْ
صرختُ مِلءُ القلبْ :
إلطُفْ بنا يا ربَّنا من عُملاءِ الغربْ
إلطُفْ بنا يا ربْ
سَكَتُّ .. فارتدَّ الصَّدى :
خَسَأْتَ يابنَ الكلبْ !
=========================
حادث مرتقب
إنى أرى سيّارةٌ
تسيرُ فى اضطرابْ .
قائدها مُسْتهتِرٌ
أفْرَط فى الشرابْ .
والدّربُ طينٌ تحتَها
وحولها ضبابْ .
مُسرِعةٌ
مُسرِعةٌ
السِكْرُ لَنْ يَلْجِمَها
والطينُ لنْ يَرحمها
والنّارُ والحديدُ إن تحدَّرا
طاحا
ولم يُمسكْهما (الضبابْ)
. . . . . . . . . . . . . . .
سَيَحْدثُ انقلابْ !
=========================
حكمة الغاب
تَعدو حميرُ الوحشِ فى غاباتِها
مُسَوَّمَهْ .
قويَّةً منتقِمهْ
لا تقبلُ الترويضَ والمسالمهْ .
فالغابُ قد علَّمها
أن تركلَ السِّلمَ وراء ظهرِها
لكى تظلُ سالِمهْ !
* * *
وفى زَرائب القُرى .. المُنظَّمهْ
تغفو الحميرُ الخادمهْ
ذليلةً مُسْـتَـسلِمه
لأنها قد نَزَعت جُلودها المُقلَّمهْ
وعافتِ المُقاومهْ
وأصبحتْ مُطيعَةً ..
تسيرُ حَسْبَ الأنظمَهْ !
========================
واعظ السلطان
حدَّثنا الإمامْ
فى خُطبةِ الجُمْعةِ
عن فضائل النظامْ
والصبرِ والطّاعةِ والصيامْ .
وقالَ ما معناهْ :
إذا أرادَ ربُّنا
مُصيـبةً بعبدِهِ ابتلاهُ
بكثرةِ الكلامْ .
لكنَّهُ لم يَذْكُرِ الجِهادَ فى خُطْبتهِ
وحينَ ذَكَّرناهْ
قال لنا : عليكم السلامْ !
وبعدَها قامَ مُصلِّياً بِنَا
وعندما أُذِّن للصلاهْ
قال :
نَعَمْ .. إلهَ إلاَّ الله !
=========================
الطفل الأعمى
وَطنى طِفلٌ كَفِيفْ
وضَعِيفْ .
كان يمشى آخِرَ الليلِ
وفى حَوْزَتِهِ
ماءٌ ، وزَيْتٌ ، ورَغِيفْ
فَرآهُ اللصُّ وانهَالَ بسكِّينٍ عليهْ
وتَوارى
بعدما استوْلى على ما فى يَدَيْهْ
* * *
وَطَنى مازالَ مُلْقى
مُهْملاً فوق الرَّصيفْ
غارقاً فى سَكَراتِ الموْتِ
والوالى هو السِّكِّينْ
.. والشَّعبُ نَزِيفْ !
========================
أنشوده
شَعبُنا يومَ الكِفاحْ
رأسُهُ .. يَتبعُ قَولَهْ !
لا تَقُلْ : هَاتِ السِّلاحْ .
إنَّ للبَاطِلِ دَوْلهْ .
ولنا خصْرٌ ، ومِزمارٌ ، وطَبلَهْ
ولنا أنظِمَةٌ
لولا العِدا
ما بَقِيَتْ فى الحُكمِ لَيلَهْ !
========================
آه لو يُجدى الكلام
الملايينُ على الجُوعِ تَنامْ
وعلى الخَوفِ تنامْ
وعلى الصَّمتِ تنامْ .
والملايينُ التى تُسرقُ من جَيبِ النيامْ
تتهاوَى فوقَهم سيلَ بنادِقْ
ومَشانِقْ
وقَرراراتِ اتِّهامْ
كُلَّما نادَوا بتقطِيعِ ذراعَى
كُلِّ سارقْ
وبتوفير الطَّعامْ !
* * *
عِرضُنا يُهتَكُ فوقَ الطُّرقاتْ
وحُماةُ العِرْضِ .. أولادُ حَرامْ
نهضوا بعدَ السُّباتْ
يفرشون البُسُطَ الحَمْرَاءَ
مِن فَيْضِ دِمانا
تحتَ أقدامِ السَّلامْ !
* * *