الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين، أمَّا بعد؛
جزاك الله أخي الكريم على غيرتك وهمِّتك خير الجزاء.
أخي الكريم؛
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "فإنَّ من ورائكم أيامًا الصبر فيهنَّ القبض على الجمر، للعامل فيهنَّ مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم" رواه الترمذي بسندٍ حسن، وأحسب أنَّنا في هذا الزمان – أخي الكريم. فقد كثُرت الفتن والمغريات الحياتيَّة، وكثر التشدُّق بمزاعم وأقوال لا ترضي المولى عزَّ وجلَّ، وبعض تلك الأقوال والمزاعم للأسف تُدارَى تحت ستار الدين.
ولقد حظي الحجاب بقسط كبير من هذا الأمر، فكم سمعنا عن أحكامٍ وفتاوى تخصُّ الحجاب، وكأنَّ الناس يريدون أن يسمعوا كلمة: "إنَّ الحجاب ليس من الإسلام وإنَّما هو تقليدٌ من التقاليد يمكن التخلُّص منه متى أردنا".
وأذكِّرك - أخي الكريم - بأنَّ معاول الهدم عملت بالنفس الإنسانيَّة أعوامًا طوالاً لتصل بها إلى هذه الحالة التي نحن عليها الآن.. ولكن هيهات، فلا يزال الدين نابضًا في القلوب، ولا يزال حبُّ العقيدة ساكنًا في العقول والوجدان، فكانت تطلق صرخات من أجل احتواء هذا الغازي المتعدِّي، إلا أنَّها كانت صرخاتٌ ضعيفةٌ واهيةٌ، ولكنَّها استمدَّت قوَّتها من نبض الشباب الملتزم لتصبح قويَّةً بإذن الله.
أخي الكريم؛
ما أردت أن أخبرك به.. هو أنَّ التخلِّي عن الحجاب ليس نتاج لحظاتٍ قليلةٍ، بل هو نتيجةٌ لقرونٍ عمل فيها أعداء الشريعة جاهدين ليسقطوا تاج الوقار عن البيت المسلم.
وقد نصحنا أحد الدعاة ذات مرَّةٍ قائلاً: "انظروا إلى الجانب الممتلئ من الكأس واعملوا على تنقيته وإن كان قليلاً.. ولكن لا تهملوا الفارغ، بل اعملوا على تهيئته إن استطعتم، واذكروا قول الله تعالى: "فذكِّر إنَّما أنت مذكِّر . لست عليهم بمسيطر".
ومعنى كلامه رحمه الله: ألا يأخذك التشاؤم لدرجة عدم رؤية الصلاح بالناس عامَّة، ولكن احرص أن تنقل لهم ممَّا علمت وأحببت، واتَّبع الوسائل الكثيرة التي من خلالها تستطيع عمل الكثير بإذن الله.
أخي، صحيح أن الحجاب مظهر التزام وعلامة خير ومساعد في حفظ المجتمع وصيانته، ولكننا نريد الحجاب وما وراء الحجاب، نريد أن يكون الحجاب علامة على خُلُق من تحمله، لا أن تحمله من تشوه صورته، لذا يجب أن نراعي ذلك في وسائلنا الدعوية المستخدمة في الدعوة إليه، فلا نفرح للإنجاز المظهري، بقدر ما يجب أن نعمل لتحقيق إنجاز على مستوى الجوهر والباطن والعقل والقلب والروح.
وتتضح لك هذه الفكرة أكثر إذا قرأت الاستشارة التالية:
كيف أقنعهم بالحجاب ؟؟ .. تهيئة التُربة أولاً
ومن الوسائل التي يمكن أن تعينك في ذلك إن شاء الله:
1- المعارض التي تجسِّد واقع المسلمين المرير، والتي تبرز بشكلٍ لافتٍ ما يواجهه المسلمون في شتَّى أصقاع الأرض، فمن الممكن أن يكون لهذه المعارض الأثر الكبير في النفوس.
2- الكتاب المميَّز.. وأقصد به الكتاب الذي يخاطب كلا من العقول والقلوب، ويحثُّهما على العودة إلى سبيل الله.
3- النشرات – الأوراق التي توزع مجانًا - والتي تحتوي على مواضيع عدَّة، وتمتاز هذه النشرات عادةً بالقصص الهادفة والمتنوِّعة، فليس عليك تخصيص نشرةٍ كاملةٍ لموضوع الحجاب، وذلك لأنَّ بعض ضعاف النفوس قد لا يقرؤها من الأصل.. ولكن إذا وَجَد التنوُّع قرأها.
4- نشر التوعية الدينيَّة عن طريق الندوات التي تتحدَّث عن أخلاقيَّات المجتمع الإسلامي، ويا حبَّذا لو كانت هناك دعواتٌ تُوزَّع على الفتيات والنساء ليكون هذا محفزًا لقدومهن.
5- مجلات الحائط، والتي قد تعمل عمل النشرات، بحيث تكون ذات مظهرٍ جميلٍ ومواضيع متعدِّدة، وليس بالضرورة أن تكون مقتصرة على مواضيع دينيَّة بحتة.
6- عمل احتفال بالمحجَّبات الجدد، وإن كان حجابهنَّ ناقصًا بعض الشيء، فهذا سيعطيهنَّ الأمل ويشجعهن بأنَّهنَّ لسن وحدهنّ.
7- بيان أهمِّيَّة الحجاب في المجتمع، وكيف أنَّ النساء الغربيَّات يسعين للإسلام من أجل الحجاب، وما يوفره لهنَّ من أمان، ويمكنك من خلال هذا الأمر أن تنشر قصص حجاب بعض الأجنبيَّات، وهي موجودةٌ بكثرةٍ على الإنترنت.
8- أنصحك - أخي الكريم - أن تقرأ كتابًا للأستاذ عبد الحميد البلالي وهو بعنوان "أختي غير المحجَّبة.. ما المانع من الحجاب؟" والذي يضع فيه الأستاذ البلالي بعض الأسباب التي تمنع النساء من الحجاب.. وكيفيَّة الردِّ عليها، ومن ضمنها الادِّعاءات بصغر السنِّ وانتظار الزواج، وغيرها الكثير.
أخي الكريم؛
قد تتعدَّد الوسائل التي من خلالها يمكنك العمل على دعوة الفتيات إلى الحجاب، بل إلى كل شعائر الدين، ولكن أريد أن أذكِّرك بأمرٍ يتلخَّص بالآية الكريمة: "ادعُ إلى سبيل ربِّك بالحكمة والموعظة الحسنة"، فإنَّ خُلُق المسلم يدلُّ عليه.
فاحرص - أخي الكريم - على الالتزام بأحكام دينك، وبالخلق الحسن، وكثرة الدعاء، لعلَّ الله ييسر لك الطريق ويهدي أناسًا على يديك ويدخلك الجنَّة ويجيرك من النار بإذنه.
أمَّا عن سنِّ ارتداء الفتاة للحجاب، فإنَّ هذه الفتوى قد أجابت على ذلك وأوضحته:
في أي عمر يجب على البنت أن ترتدي الحجاب ؟
وفي وصف حجاب المرأة المسلمة أقدِّم إليك هذه الفتوى:
حكم الحجاب وأوصافه
وتابعنا بأخبارك أخي".
استشارات ذوات صلة
- ابنتي ترفض الحجاب.. المقدمات والنتائج
- قريبتي والحجاب..
- فكرة دعوية عبر الرسائل الإلكترونية